کد مطلب:240894 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:219

الامام السحاب الماطر
روی الشیخ الكلینی طاب ثراه بإسناده عن الرضا علیه السلام كلامه المشتمل علی خصائص الإمام و الإمامة، و منه قوله علیه السلام:

«الإمام السحاب الماطر، و الغیث الهاطل، و الشمس المضیئة...» [1] .

«الشمس المضیئة» تفسیرها مذكور فی تمثیل: «الإمام كالشمس الطالعة»، فراجع [2] و «السحاب الماطر» فیه جهات ثلاث من البحث: شرح المفردات. ذكر الأمثال المتناسبة من كلمات الأدباء، و الثالثة بیان الغرض من التمثیل.

الجهة الأولی:

السحاب واحده السحابة: التی یكون عنها المطر سمیت بذلك لانسحابها فی الهواء قال ابن منظور: و خلیق أن یكون سحب جمع سحاب الذی هو جمع سحابة فیكون جمع جمع و فی الحدیث: [3] كان اسم عمامته السحاب، و سحبان: اسم رجل من وائل كان لسنا بلیغا یضرب به المثل فی البیان و الفصاحة. و سحابة: اسم امرأة قال:

-أیا سحاب بشری بخیر- [4] .

و الماطر من المطر قال ابن منظور: الماء المنسكب من السحاب، و المطر ماء السحاب و الجمع أمطار، و مطر اسم رجل سمی به من حیث سمی غیثا [5] .

قال الطریحی: و كان علی علیه السلام یقول فی المطر: «إن تحت العرش بحرا فیه ماء ینبت أرزاق الحیوانات فإذا أراد الله أن ینبت ما یشاء لهم رحمة منه لهم أوحی الله فمطر ماشاء من سماء إلی سماء حتی یصیر إلی سماء الدنیا فیلقیه إلی السحاب



[ صفحه 83]



و السحاب بمنزلة الغربال ثم یوحی إلی الریح أن أطجنیه و أذیبیه [6] ذوبان الماء ثم انطلقی إلی موضع كذا و كذا و ما من قطرة تقطر إلا و معها ملك حتی یضعها موضعها و لن تنزل من السماء قطرة إلا بعدد معدود معلوم»، [7] و الغیث قسم من المطر و الهاطل من الهطل: تتابع المطر المتفرق العظیم القطر و هو مطر دائم مع سكون وضعف و قیل: تتابع القطر المتفرق العظام [8] .

الجهة الثانیة:

«السحاب الماطر» یقال لمن یرجی إفضاله، و إذا احتجبت السماء بالسحاب جاء الرجاء قال أبوتمام:

-ان السماء ترجی حین تحتجب-

و قد شبه المطر ببكاء السماء:



إن السماء إذا لم تبك مقلتها

لم تضحك الأرض عن شی ء من الزهر



و إذا أرید المثل بالأخذ من القلة إلی الكثیرة قیل:

-و أول الغیث رش ثم ینسكب- [9] .

و للقوم كلمات حول السحاب و الرعد و البرق و المطر لایناسب المقام إلا ما كان فیه نوع من الربط، من ذلك قول ابن عباس: «المطر بعل الأرض» أی یلحقها، و فر فلان من القطر، و قعد فی المیزاب.

-و من یسد طریق العارض الهطل-

(و سبق سیاله مطره).



[ صفحه 84]



-قبل السحاب أصابنی الوكف-

-سحاب عدا فی فیضه و هو صیب-

و الصیب: السحاب ذوالمطر.

ابن الرومی:



لكم علینا امتنان لاامتنان به

و هل تمن سماوات بأمطار



و قال غیره:



و الله ینشی سحابا تطمئن به الن...

فوس من قبل بل الأرض بالمطر



منصور الفقیه:



فامنن بما شئت من نوال

إن لم یكن وابل فطل [10] .



و قال أبوعیینة:



أبوك لنا غیث نعیش بظله

و أنت جراد لست تبقی و لاتذر



و كنت فیهم كممطور ببلد ته

یسر أن جمع الأوطان و المطرا



و آخر:



و رب جواد یمسك الله جوده

كما یمسك الله السحاب عن المطر



و آخر:



و إنی أری التأدیب عند وجوبه

بمنزلة الغیث الذی قبله الجدب



و آخر:



أنا فی ذمة السحاب و أظمی

إن هذا لوصمة فی السحاب [11] .



الجهة الثالثة:

الغرض من تمثیل الرضا علیه السلام، الإمام بالسحاب الماطر بیان النفع و الحیاة الطیبة فكما أن الأرض المیتة یحییها الله عزوجل بالمطر فتصبح محضرة ذات نبات



[ صفحه 85]



یهیج فتكون بالزروع و المواشی و الأناسی معمورة و مزدهرة كذلك بالإمام و علومه و فضائله القلوب مبتهجة معمورة قال تعالی: «ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطیف خبیر» [12] .

من عظیم الأثر الذی یعقب المطر تعرف عظمة نفعه و لاحیاة لذوی الحیاة إلا بالماء كما قال عز من قائل: «و جعلنا من الماء كل شی ء حی» [13] .

و الإمام ماء الحیاة الا بدیة المباركة جعل الله جل جلاله به حیاة العباد و البلاد و قال تعالی فی آی أخری منها: «و أنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فیها من كل زوج كریم»، [14] قال الفیض: من كل صنف كثیر المنفعة. [15] .

كذلك الإمام هو الماء الذی ینبت به كل زوج كریم بعلومه الحقیقة العین الصافیة و ما جاء فی الأثر أن الحكم إذا صدر تقیة قیل (اتاك من جراب النورة) [16] و إذا كان حكما واقعیا قال الأصحاب: و (لقد أخذته من عین صافیة) [17] فهو اصطلاح بین الأصحاب و إلا فالكل هو من عین صافیة لأن علوم أهل البیت علیهم السلام مستقاة من الرحمن كما قال السید محسن الأمین:



هم أبحر العلم التی ما شانها

كدرو مجراها من الرحمن [18] .



إن الأئمة علیهم السلام یضمنون الحیاة الطیبة الظاهریة و الباطنیة للعباد و البشر كلهم إن هم أخذوا بحجزتهم و ساروا علی ضوئهم؛ لأنهم الهداة إلی الطرق التی تسلك سالكها إلی الجنة فمن اتبع هداهم نجا، و من تخلف هوی، و قد جاء فی دعاء شعبان: «اللهم صل علی محمد و آل محمد الفلك الجاریة فی اللجج الغامرة یأمن من ركبها و یغرق من تركها المتقدم لهم مارق و المتأخر عنهم زاهق و اللازم لهم لاحق» [19] .

و لایكون المتخلف إنسانا بل بصورة إنسان یأكل كما تأكل الأنعام كما قال



[ صفحه 86]



تعالی «و الذین كفروا یتمتعون و یأكلون كما تأكل الأنعم و النار مثوی لهم»، [20] و «إن هم إلا كالأنعم بل هم أضل سبیلا» [21] .



[ صفحه 87]




[1] أصول الكافي 200:1.

[2] حرف الهمزة مع الميم.

[3] و منه النبوي: «أتا كم علي تحت السحاب». مكارم الأخلاق 37، و فيه أيضا بلفظ: «أتا كم لي في السحاب».

[4] اللسان 460:1 في (سحب).

[5] اللسان 178:5، في (مطر).

[6] «أطجنيه» من الإطجان و الطجن: القلي. و «أذيبيه» من الإذابة.

[7] مجع البحرين في (مطر) و للحديث شرح ليس هنا محل ذكره.

[8] اللسان 698:11، في (هطل).

[9] التمثيل و المحاضرة 236.

[10] إشارة إلي آية: «فإن لم يصبها و ابل فطل» البقرة: 265.

[11] التمثيل و المحاضرة 236.

[12] الحج: 63.

[13] الأنبياء: 30.

[14] لقمان: 10.

[15] تفسير الصافي 307:1.

[16] مجمع البحرين في (نور) المثل السائر.

[17] الوسائل 542:17 باب 1 من أبواب ميراث ولاء العتق، الحديث 16.

[18] المجالس السنية 368:5.

[19] الإقبال 687.

[20] محمد: 12.

[21] الفرقان: 44.